مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/12/2022 06:06:00 م

عبد الله تعالى ٧٠ عاماً ثم سجد لشيطان العابد برصيصا -الجزء الأول- تصميم وفاء المؤذن
عبد الله تعالى ٧٠ عاماً ثم سجد لشيطان العابد برصيصا -الجزء الأول
 تصميم وفاء المؤذن 
- مهما قرأنا في التاريخ عن قصص وأحداث حصلت في الزمن السابق، من المستحيل أن نجد قصة فيها حكم ومواعظ، من الممكن أن نستفيد منها في حياتنا الحالية، كالقصص الدينية التاريخية، واليوم سنتحدث عن إحدى القصص التي تعتبر من أعظم القصص بما فيها من حكم وعِبر. 

سنتحدث اليوم عن رجل كان عابد لله تعالى

 ويضرب به المثل بإيمانه وحبه لله تعالى، وفجأة انقلب حاله من النور إلى الظلام، وأصبح يعبد الشيطان، وتوضح لنا هذه القصة المعنى الحقيقي والحرفي لآية مذكورة في القرآن الكريم " خطوات الشيطان"، وتبين لنا كيف يغوي الشيطان الإنسان ويوسوس له، ويجعله يحيد عن طريق الصواب والإيمان بخطوات بسيطة حتى يصل إلى المعاصي الكبرى والعظيمة. 

- هذه القصة لم يذكر أي مصدر تحدث عنها عن تاريخها ووقت ومكان حدوثها، بالرغم من أنها قصة عظيمة جداً، ومذكورة في |الإسرائيليات| و|الدين الإسلامي|، ولكن من الممكن أن نستخرج هذه المعلومات بشكل تقريبي من خلال سردنا لأحداث القصة. 

في زمن من الأزمنة وتحديداً قبل ظهور الإسلام

 وقبل بعثة الرسول عليه السلام وفي زمن بني إسرائيل، كان هناك رجل يدعى |العابد برصيصا|، وقد كان هذا الرجل من بني إسرائيل ويسكن في أحد مدنهم، وكان أكثر إنسان يعبد الله في زمانه، وذلك يعني أنه كان أكثر شخص عبد الله على وجه الأرض في ذلك الزمن. 

- وقد قيل بأنه قضى سبعون عاماً متواصلة في عبادة الله، وقضى كل هذه الفترة في صومعة ( بيت للعبادة)، حيث كان يقضي مايقارب عشرة أيام متتالية فيها، وهو يصلي ويتعبد الله دون انقطاع، وكان يخرج يوم واحد خلال العشرة أيام هذه ليقضي حوائجه، وكان يفطر فقط في هذا اليوم، حيث أنه كان يصوم في كل هذا الأيام ولا يفطر أبداً. 

-ويقال أيضاً بأنه لم يعصي الله تعالى طول هذه السبعين عاماً، ورجل بصفاته وإيمانه من الطبيعي أن يكون أمره وصل لجميع أهل الأرض في ذلك الوقت، سواء كانوا من الأنس أو الجن، حيث وصل خبر هذا |الرجل المؤمن| الذي سخر نفسه لعبادة الله إلى كبير الكفرة والشياطين إبليس. 

قرر إبليس أن يغوي هذا الإنسان المتعبد

 وبدأ يرسل له المردة والشياطين لإغوائه بفعل المعاصي حتى لو كانت صغيرة، ولكن جميع محاولاتهم لجعله يرتكب الذنوب والآثام لم تنجح أبداً، وفي إحدى الأيام التي كان فيها |إبليس| يتربع على عرشه ومن حوله |الشياطين| والمردة، وكان غاضباً جداً وقال لهم أليس فيكم أحد قادر على جعل هذا العابد يرتكب معصية واحدة، وهنا أجابه أحد الشياطين الموجودين وقال له أنا سأكفيك أمر برصيصا، وسأغويه ليرتكب المعصية تلو الأخرى حتى يصل لمرحلة ارتكاب |المعاصي| الكبرى. 

وهكذا أصبح هذا الإنسان المتعبد لله هدف للشيطان وأتباعه لجعله يكفر بالله ويرتكب المعاصي الصغرى والكبرى. 

عبد الله تعالى ٧٠ عاماً ثم سجد لشيطان العابد برصيصا -الجزء الأول- تصميم وفاء المؤذن
عبد الله تعالى ٧٠ عاماً ثم سجد لشيطان العابد برصيصا -الجزء الأول
 تصميم وفاء المؤذن

الشيطان الذي تكفل بإغواء هذا العابد يقال له الشيطان الأبيض

 وهو من يوكله إبليس دائماً بالأنبياء وأصحابهم والناس |الصالحين|، المؤمنين بالله بدرجة عميقة وقوية من الصعب أن تتزعزع، فكان عمل هذا الشيطان من الأساس أن يغوي الصالحين. 

- وبدأ الشيطان الأبيض بمراقبة العابد برصيصا ليعرف تفاصيل حياته، وينتظر اللحظة الحاسمة والمناسبة ليغتنم فرصته في إغواء هذا الرجل، وعلى الجانب الآخر فقد كان العابد برصيصا يمارس حياته بشكل طبيعي، دون أن يدري بالنوايا الخفية التي يضمرها له هذا الشيطان. 

في إحدى الأيام وبداخل المدينة التي يسكنها بني إسرائيل والعابد برصيصا

 كان هناك ثلاثة إخوة وقد كانوا أبناء ملك هذه المدينة، والذي توفي واستلم الحكم من بعده عمهم، ومن خلال هذه النقطة بإمكاننا أن نحلل ونستنتج بشكل تقريبي مكان وزمان قصتنا، فبما أننا نتحدث عن بني إسرائيل وعن وجود ملك يحكمهم، فمن الطبيعي أن تكون أحداث قصتنا تدور في زمن وجود |النبي داوود| و|النبي سليمان| عليهم السلام، الذين قاموا بتأسيس مملكة لبني إسرائيل، والطبيعي جداً أن يكون المكان الذي تدور فيه أحداث هذه القصة هو فلسطين، ويعتبر هذا أكثر تحليل منطقي للزمان والمكان. 

- وهؤلاء الأخوة الثلاثة كان لديهم أخت في غاية الجمال وكانوا يحبونها ويهتمون بها بشكل كبير، وقرر الأخوة في إحدى الأيام أن ينضموا لصفوف المقاتلين في مملكتهم من أجل الجهاد في سبيل الله، ولكنهم كانوا مترددين في نفس الوقت خوفاً على أختهم في حال اضطروا للخروج من المدينة مع المحاربين أو أصابهم مكروه، فمن سيرعاها ويحميها ويهتم بأمرها ويلبي احتياجاتها. 

-وبدأوا يفكروا بالأمر، وما هي الطريقة التي تمكنهم من الالتحاق بالمحاربين وحماية أختهم بنفس الوقت، وبعد فترة من النقاشات واقتراح الأفكار فيما بينهم، وصلوا إلى حل اعتبروه الأكثر أماناً، وهو ان يتركوا أختهم كأمانة عند أفضل عابد على وجه الأرض، الرجل الأمين الذي يخاف الله ويعبده العابد برصيصا، لتكون تحت حمايته فترة غيابهم، فرجل مثله من الطبيعي أن يحافظ عليها ولا يؤذيها ويلبي كافة احتياجاتها. 

- وعلى الفور ذهبوا إلى العابد برصيصا، وأخبروه عن رغبتهم بالالتحاق بالمقاتلين للجهاد، وطلبوا منه حماية ورعاية أختهم فترة غيابهم، هنا أخبرهم بأنه رجل متعبد، يعيش منعزلاً في صومعته ويعبد الله كل وقته، وليس بمقدوره رعايتها، ومن الخطأ أن تتواجد معه في منزله، فهذا الأمر محرم دينياً. 

اقترح عليه الأخوة حلاً مقبولاً نوعاً ما

وهو أن يقوموا ببناء منزل صغير بالقرب من صومعته، فكل ما يريدونه أن تكون على مقربة منه ليحميها ويرعاها ويؤمن لها طعامها ومطالبها، وحتى ينتشر خبر بين الناس بأنها تحت حماية وبأمانة العابد برصيصا، وبذلك لا يجرؤ أحد أن يمسسها بسوء. 

- وبهذه الطريقة ستنال الأجر والثواب لمساعدتك لنا لنتمكن من الجهاد في سبيل الله ، وبعد نقاش طويل اقتنع العابد ووافق على أن تكون أختهم في عهدته لحين عودته من الجهاد. 

عبد الله تعالى ٧٠ عاماً ثم سجد لشيطان العابد برصيصا -الجزء الأول- تصميم وفاء المؤذن
عبد الله تعالى ٧٠ عاماً ثم سجد لشيطان العابد برصيصا -الجزء الأول 
تصميم وفاء المؤذن

قام الإخوة الثلاثة ببناء منزل صغير لأختهم بجانب صومعة العابد برصيصا

 ووضعوا أختهم برعايته وانطلقوا إلى الجهاد، وكان العابد برصيصا يجهز لها الطعام كل يوم ويضعه أمام باب غرفتها، ويطرق الباب لتنتبه ثم يعود لصومعته، من دون أن يسمع صوتها أو يتحدث إليها. 

- ومرت الأيام والعابد برصيصا على هذه الحال، وكان |الشيطان الأبيض| يراقب أمر هذا العابد، وشعر بأن هذا هو الوقت المناسب ليبدأ بإغوائه، وكالعادة في كل يوم كان يجلس ويجهز الطعام لهذه الفتاة، أتاه الشيطان الأبيض وبدأ يوسوس له بطريقة جعلته يشعر بالتقصير اتجاه هذه الفتاة الوحيدة، وبأنه لا يرعاها بحق ولا يهتم بأمرها، وكل ما يقوم به مجرد وضع الطعام أمام بابها، فربما تكون متعبة أو بها مرض ما، في ذلك الوقت لن يكون الطعام كافياً. 
- وبطريقة ما تمكن الشيطان أن يقنعه بأن يطرق بابها ويلقي عليها التحية ويتحدث إليها، ليتأكد من أنها بخير ولا تحتاج شيئاً، وبنفس الوقت هذا التصرف سيكسبه أجر السلام، وبالطبع فإن برصيصا كان يسمع هذا الكلام بطريقة أفكار تدور في عقله، وقرر برصيصا أن يتحدث معها ويطمئن عليها، وجرت الأمور على ما يرام وردت عليه السلام وأخبرته أنها بخير، ثم غادر المكان وعاد إلى صومعته. 

مرت الأيام واعتاد برصيصا أن يلقي السلام على هذه الفتاة

 وأصبح الأمر طبيعي بالنسبة له، وبينما كان يحضر لها الطعام بدأت |وساوس الشيطان| تراوده على هيئة أفكار، وتمكن من إقناعه أن يتحدث معها ويسألها إذا كانت بحاجة لأن يحضر لها شيئاً من السوق ليقوم برعايتها على أتم وجه. 
 -وبالفعل لم يُكذب برصيصا خبراً، وبعد مرور فترة وهذه الأفكار والوساوس تدور في عقله، قرر أن ينفذها ويهتم بها أكثر، وهكذا أصبحت الفتاة تخبره بكل ماتحتاجه، ومع تكرر السؤال والكلام بدأت تدور بينهما أحاديث جانبية، ولكن حتى الآن مازالت الفتاة داخل غرفتها ولم تخرج أبداً، وبينهما حاجز وهو باب وجدران الغرفة. 
-وهكذا بدأ الشيطان وساوسه لهذا الرجل العابد، عن طريق النصيحة واكتساب الثواب والأجر، وهذا ما يسمى بخطوات الشيطان، فمن المستحيل أن يبدأ الشيطان وساوسه مباشرة بالقتل والسرقة والزنا وشرب الخمر، على العكس فسوف يغوي الإنسان للطريق الذي يريده بشكل تدريجي. 
- وبعد مرور عدة أيام على هذا الحال، بين تقديم الطعام والسلام وبعض الأحاديث الجانبية، أصبح الأمر شبه عادي وكسرت حواجز أخرى داخل العابد برصيصا. 
واستمر الشيطان في وساوسه وأفكاره في عقل برصيصا، ووصل به الأمر لجعله يخاف من رؤية الناس له وهو يتحدث مع الفتاة، فوسوس له بأنه رجل صالح وصاحب سمعة حسنة وطيبة بين الناس، وأن رؤية الناس له وهو يتكلم معها سيؤثر على مكانته وسمعته، وأقنعه بالدخول إلى غرفتها ليتوارى عن أنظار الناس، وليحمي نفسه من كلام الناس، وبما أنه رجل متعبد وهذه الفتاة ذو أخلاق فمن المستحيل أن يحدث شيء محرم بينهما. 
تابعونا في الجزء التالي.
بقلمي: تهاني الشويكي

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.